الخلاف بين تركيا وهولندا 2017؟


ما يجري حاليًا بين تركيا وهولندا يمكن وصفه بأنه "ما خفي كان أعظم." فقد شهدت العلاقات بين البلدين تصاعدًا كبيرًا في التوترات، وبدأت تركيا في تنفيذ سلسلة من القرارات العقابية ضد هولندا. تضمنت هذه القرارات منع أي تواصل دبلوماسي، ومنع دخول أي وفد حكومي أو دبلوماسي هولندي إلى تركيا. كما تم طرح مشروع قانون في البرلمان التركي لإلغاء "اتفاقية الصداقة الهولندية - التركية"، وهي اتفاقية هامة على الصعيد السياسي، الاقتصادي، العسكري، والأمني. بعبارة أخرى، الأمور بين البلدين وصلت إلى قطيعة كاملة.

الخلفية السياسية والتعديل الدستوري

السياق الأساسي لهذه التوترات هو سعي الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى تعديل دستوري يُعرض للاستفتاء الشعبي، بهدف تغيير نظام الحكم في تركيا من برلماني إلى رئاسي، مما سيمنحه صلاحيات أوسع. أردوغان أعرب عن شعوره بأنه مكبل أمام الانقلابيين وأتباعهم داخل الدولة العميقة، ولذلك يسعى لتعزيز سلطاته من خلال هذا التعديل.

الجالية التركية في هولندا وتأثيرها

الجالية التركية في هولندا تُعد ثالث أكبر تجمع للأتراك خارج تركيا، حيث يبلغ عددهم حوالي 500 ألف شخص. هذه الجالية تُشكل كتلة تصويتية كبيرة يمكنها التأثير على نتائج أي استفتاء، مما دفع أردوغان إلى محاولة كسب دعمهم في استفتاء التعديل الدستوري. وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، أعلن عن نيته زيارة عدة دول للقاء الجاليات التركية، ولكن الزيارة إلى هولندا قوبلت بالرفض، مما أشعل فتيل الأزمة.

تصاعد التوترات الدبلوماسية

رئيس الوزراء الهولندي قرر سحب تصريح هبوط طائرة وزير الخارجية التركي، مما زاد من حدة التوترات. في رد فعل على هذا القرار، حاولت وزيرة البيئة التركية زيارة هولندا بشكل غير متوقع لحضور تجمع للجالية التركية، إلا أن السلطات الهولندية منعتها من دخول البلاد، مما أدى إلى مزيد من التصعيد. تمت مواجهة التجمع التركي بالقوة، مما أسفر عن مواجهات بين الشرطة والمواطنين الأتراك.

تداعيات الأزمة على العلاقات الدولية

في تطور آخر، فرضت هولندا حظرًا على دخول الوزيرة التركية لمدة 10 سنوات، مع التهديد بسجنها إذا حاولت دخول أي دولة أوروبية. ردت تركيا بإغلاق السفارة والقنصلية الهولندية في أنقرة وإلغاء تصريح السفير الهولندي للعودة إلى تركيا. هذا التصعيد أدى إلى تدخل الاتحاد الأوروبي، الذي دعا إلى التهدئة، لكنه أيد موقف هولندا وأدان تصريحات أردوغان.

الجذور العميقة للخلاف

الخلاف بين تركيا وهولندا له جذور أعمق مما يظهر على السطح. على مدى السنوات الماضية، كانت هولندا من أشد المعارضين لدخول تركيا إلى الاتحاد الأوروبي، وسحبت دعمها العسكري من تركيا في أوقات حساسة. كما قبلت هولندا ضباطًا أتراكًا انقلابيين كلاجئين ورفضت تسليمهم إلى تركيا، مما زاد من حدة التوترات.

مقارنة بين القوتين: تركيا وهولندا

على صعيد القوة الاقتصادية والعسكرية، تركيا تتفوق على هولندا. تركيا تحتل المرتبة الـ 16 عالميًا في إجمالي الناتج المحلي، بينما تأتي هولندا في المرتبة الـ 28. عسكريًا، تركيا تحتل المرتبة الثامنة عالميًا في ترتيب أقوى الجيوش، بينما تأتي هولندا في المرتبة الـ 39 ولا تستطيع القتال بمفردها إلا عبر الناتو.

الخاتمة: ما الذي ينتظرنا؟

بالرغم من هذه التوترات، من المرجح أن ينتهي الخلاف بجلسة صلح، كما حدث من قبل بين أردوغان وروسيا. أردوغان يسعى لكسب دعم شعبي في الاستفتاء، وهو يواجه معارضة في الداخل، لكنه بهذا الموقف الأخير سيكسب دعمًا كبيرًا. في المقابل، رئيس وزراء هولندا يستغل الموقف لكسب نقاط أمام اليمين المتطرف في بلاده.

في النهاية:

العالم الآن معقد للغاية، وكل طرف لديه أجنداته وأهدافه الخاصة. ومع ذلك، من الواضح أن دولًا مثل تركيا وهولندا تستطيع جعل العالم كله يتحدث عن مشكلاتها، بينما تظل مشاكل الشعوب الأخرى، بما في ذلك تلك التي تعاني من مذابح أو مجاعات، مهملة وغير مكترث بها.


إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال