إذا وسعنا نطاق البحث في أحداث هولندا الأخيرة، سنجدها غريبة ومثيرة للشكوك إلى حد كبير وتحمل العديد من علامات الاستفهام. دعونا نلقي نظرة على ما حدث خطوة بخطوة، وأعدكم بعدم الشعور بالملل.
أمس الساعة 8 مساءً، قبل مباراة كرة القدم بين (أياكس الهولندي) و(مكابي الإسرائيلي) التي كانت مقررة في الساعة 9، طلب مجموعة من المؤيدين لفلسطين تنظيم مظاهرة أمام ملعب (يوهان كرويف).
رفض رئيس البلدية الطلب وأمر قوات الأمن بإبعاد المتظاهرين إلى مسافة كيلومتر عن الملعب، وهو ما تم تنفيذه بالفعل بواسطة الشرطة.
خلال الاحتجاجات، ظهر فجأة مجموعة من الإسرائيليين المتعصبين وحاولوا الاشتباك مع المتظاهرين بالإهانات، بل وصعد بعضهم إلى واجهات المباني ونزعوا الأعلام الفلسطينية أثناء توجههم إلى المباراة!
أحد المتظاهرين المغاربة أمسك بأحد هؤلاء المتعصبين، وكانت المفاجأة أنه مجند في الجيش الإسرائيلي، فاحتجزوه وكانوا على وشك رميه في النهر لولا تدخل الشرطة!
أثناء المباراة، كان الجو متوتراً للغاية. حضر المباراة أكثر من 2700 مشجع إسرائيلي، وسُجلت هتافاتهم بإساءات للعرب والمسلمين ولغزة!
في لحظة صمت خلال المباراة للتضامن مع ضحايا الفيضانات في إسبانيا، لم يحترم المشجعون الإسرائيليون الوقفة وأشعلوا الشماريخ وضوضوا، والسبب واضح: موقف إسبانيا الداعم لغزة. انتهت المباراة بفوز ساحق لأياكس بنتيجة 5-0.
سائق تاكسي عربي نشر على مواقع التواصل الاجتماعي، قائلاً إنه تعرض لهجوم من إسرائيليين كانوا يستقلون سيارته، بعد أن منعهم من نزع العلم الفلسطيني من التاكسي.
معظم سائقي التاكسي في أمستردام من أصول عربية، فاجتمعوا واقتحموا الكازينو الذي كان فيه هؤلاء الإسرائيليون. وبالطبع، لم يكن التفاهم مع السكارى في الكازينو سوى بالتكسير!
الساعة 1:30 فجراً، وصلت سبع سيارات شرطة لفض الشجار، وظهرت فجأة ثلاثة إسرائيليين غارقين في دمائهم وتم تصويرهم ونشر صورهم على جميع المنصات.
وهنا تبدأ الفوضى الحقيقية. تعداد الجالية الإسرائيلية في هولندا حوالي 50 ألف، فنزل مجموعة منهم للاشتباك مع الجالية المغربية في الشوارع.
لكن بالنظر إلى أن الجالية المغربية تتجاوز 500 ألف شخص في هولندا، أغلبهم في أمستردام، فمن السهل توقع من سيكون الضحية.
انتشرت مقاطع الفيديو للضرب والسحل في الشوارع، وبقيت الصحافة العالمية مستيقظة لتغطية الحدث، مما زاد الضغط على نتنياهو.
بما أن نتنياهو أقال وزير الدفاع، فقد قرر بمفرده إطلاق حملة إجلاء جوي عسكري باستخدام طائرتين عسكريتين. ولكن الحكومة الهولندية لم تسمح لهم بالدخول، واعتبرت ذلك انتهاكاً لسيادة هولندا، متسائلة: "جيش ماذا يدخل إلى هنا؟!".
نتنياهو تراجع وقرر البدء في مفاوضات مع السلطات الهولندية وأصدر أوامر بإجلاء مدني بدلاً من العسكري، مع اتخاذ قرارات أخرى بمنع السفر إلى هولندا وتحذير المواطنين الإسرائيليين من الخروج في الشوارع.
العلاقات بين إسرائيل وهولندا تمر ببعض التوتر على الرغم من قوتها تاريخياً، فقد تلقت إسرائيل عدة صدمات من هولندا في السابق، مما يثير الشكوك بأن الأحداث قد تكون مفتعلة منذ البداية.
في مايو 2024، كشفت صحيفة "الغارديان" أن الموساد الإسرائيلي كان يتجسس مباشرة على محكمة العدل الدولية في مدينة لاهاي الهولندية لمدة تسع سنوات.
تقدم أكثر من 20 محامياً، أغلبهم هولنديون، للمطالبة بالتحقيق مع الحكومة الإسرائيلية. وبعد ذلك، سعت المحكمة لإصدار مذكرة اعتقال ضد نتنياهو كمجرم حرب بسبب أحداث غزة.
إسرائيل تمارس حالياً ضغوطاً على الحكومة الهولندية لاعتبار أحداث الأمس جريمة كراهية ضد السامية. ومن يعرف ماذا يعني هذا الاتهام وتبعاته؟! ونتيجة لذلك، اعتقلت السلطات الهولندية 62 شخصاً من المغاربة والأتراك الذين كانوا ضمن المتظاهرين.
التفاعل الدولي جاء كله بإدانات من أمريكا وبريطانيا وفرنسا ضد المغاربة، والسبب: كيف يمكن للإسرائيليين أن يُضربوا ويُسحلوا بهذه الطريقة؟ فهم معتادون على الضرب فقط وليس أن يُضربوا هم!
حالياً كل الأنظار تتجه نحو مباراة إسرائيل وفرنسا في 14 نوفمبر، والتي ستكون تحت إجراءات أمنية مشددة على كل المشجعين من مختلف دول العالم، باستثناء الإسرائيليين بالطبع لأنهم شعب الله المختار الذي يمكنه تجاوز أي قوانين دون حساب!
تحديث مهم: تم الكشف عن أن عملاء الموساد كانوا ضمن فريق حماية الفريق الإسرائيلي (أول مصدر من صحيفة "جيروزاليم بوست" موجود في أول تعليق).