ملخص قصة داعش حتى 2016

تلخيص ما يحدث مع داعش لا يمكن اختزاله في سطور قليلة، ولكن سأحاول أن أوضح الصورة الرئيسية حول هذه الجماعة بشكل موجز ومباشر.

خلفية نشأة داعش:

بعد أن قامت الولايات المتحدة بإسقاط نظام صدام حسين في العراق، تم استهداف كل من كان يدعمه، بما في ذلك المسلمين السنة الذين يشكلون نصف سكان العراق. تم استبدالهم في الحكم بالشيعة والأكراد، وتم تفكيك حزب البعث الحاكم وحل الجيش العراقي الذي كان يعتبر من أقوى الجيوش في المنطقة.

ظهور الجماعات المسلحة:

في هذا الفراغ الأمني والسياسي، بدأت "القاعدة" بقيادة أسامة بن لادن في تجنيد الأتباع. من بين هؤلاء كان "أبو مصعب الزرقاوي"، الذي اشتهر بتنفيذ عمليات قطع الرؤوس للأمريكيين والشيعة وأي شخص يدعم الغزو الأمريكي للعراق. أسس الزرقاوي جماعة "قاعدة الجهاد في بلاد الرافدين"، والتي نمت لتصبح واحدة من أكثر الجماعات وحشية. لكن بسبب فظائعها، بدأت تفقد الدعم الشعبي، إلى أن تم قتله من قبل القوات الأمريكية.

صعود أبو بكر البغدادي:

بعد الزرقاوي، تولى "أبو عمر البغدادي" قيادة الجماعة، وزادت العمليات العسكرية ضد الأمريكيين وحلفائهم، لكن سرعان ما تم قتله أيضًا. هنا ظهر "أبو بكر البغدادي"، وهو شخصية ذو خلفية دينية وعسكرية قوية، حاصل على دكتوراه في علوم القرآن والفقه من بغداد، وكان لديه تدريب عسكري متقدم، ويُعتقد أن لديه اتصالات داخل الجيش العراقي السابق. البغدادي نفسه كان قد تم اعتقاله من قبل القوات الأمريكية وقضى عامين في سجن "بوكا" في العراق، حيث بنى علاقات قوية مع قادة المعارضة للاحتلال الأمريكي.

تحول داعش إلى "دولة":

بعد خروجه من السجن، تمكن البغدادي من جمع قادة حزب البعث السابقين وقادة العشائر السنية في العراق، وأسس دولة داخل دولة، مستغلًا الفوضى في العراق والفساد الحكومي. بدأ بالسيطرة على محافظات ومدن عراقية بشكل تدريجي، مستخدمًا قوة السلاح والتأثير الديني.

البغدادي أعلن عن تأسيس "دولة العراق الإسلامية"، ثم اتجه نحو سوريا مستغلًا الفوضى هناك. أرسل "أبو محمد الجولاني" لتأسيس "جبهة النصرة" في سوريا، ومع مرور الوقت، بدأت الجبهة تتوسع وتسيطر على مساحات واسعة من الأراضي.

انقسام القاعدة وداعش:

عندما طلب البغدادي من الجولاني توحيد قواتهما تحت قيادته، رفض الأخير، مما أدى إلى خلاف مع "أيمن الظواهري" زعيم القاعدة، الذي حاول التدخل لكنه فشل. البغدادي رد بإعلان تأسيس "دولة الإسلام في العراق والشام" (داعش)، وأعلن أن أي شخص لا ينضوي تحت رايته هو عدو.

توسع داعش:

داعش لم تكتفِ بالسيطرة على الأراضي بل بدأت بتنفيذ عمليات مروعة ضد كل من يعارضها، بما في ذلك قوات النظام السوري وجبهة النصرة، وحتى الأكراد. تمكنت من السيطرة على مساحات كبيرة من العراق وسوريا، وألغت الحدود بينهما، وأعلن البغدادي نفسه "خليفة للمسلمين" في منتصف 2014.

الموارد والدعاية:

داعش استولت على موارد هائلة من النفط والبنوك، وفرضت سيطرتها بالقوة، وأدارت اقتصادها الخاص، مما جعلها أغنى منظمة إرهابية في العالم. استغل التنظيم الإعلام والدعاية بشكل لم يسبق له مثيل، حيث أنتجت مقاطع فيديو عالية الجودة تبث الرعب وتروج لأيديولوجيتها.

التأييد والبيعة:

داعش لم تكتف بالسيطرة على الأراضي، بل تلقت البيعة من جماعات أخرى حول العالم، مثل "أنصار بيت المقدس" في مصر، و"أنصار الشريعة" في ليبيا، و"بوكو حرام" في نيجيريا، مما زاد من نفوذها العالمي.

الرد الدولي:

مع تمدد داعش وتهديدها للمصالح الدولية، بدأت الولايات المتحدة وحلفاؤها، ثم روسيا وفرنسا، بشن غارات جوية ضد مواقع داعش. لكن التنظيم استمر في العمل كدولة نظامية وكعصابة، مما جعله صعب الهزيمة.

الوضع الحالي:

داعش تقاتل الآن ضد مجموعة كبيرة من الأطراف، بما في ذلك القوات الأمريكية، الجيش السوري، الجيش العراقي، الأكراد، والعديد من الجماعات الأخرى. ورغم كل ذلك، ما زال التنظيم يشكل تهديدًا كبيرًا، وأفراده يتمتعون بتدريب عالي المستوى.

ملاحظات إضافية:

داعش متهمة بارتكاب جرائم ضد الإنسانية، وشردت الملايين.

التنظيم يرفض أي مفهوم لحقوق الإنسان أو المواطنة، ويركز على فرض سيطرته بالقوة.

التحالفات ضد داعش لم تتمكن حتى الآن من القضاء عليها بالكامل، بسبب تعقيد الصراع وتشابك الأطراف المتورطة.

الخلاصة:

داعش ليس مجرد مجموعة من المرتزقة، بل هي تنظيم يمتلك خبرة عسكرية واستراتيجية واسعة، ويمثل تهديدًا عالميًا يحتاج إلى معالجة شاملة تتجاوز الحلول العسكرية.


إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال