استراتيجيات التفاوض عبر الثقافات: التنازلات بين الثقافتين الأميركية والسعودية

وفقًا لـ (Leung, 1997)، تستند قوة التفاوض في جميع الثقافات إلى توقع كل طرف للمعاملة بالمثل. عندما يقدم كل طرف بعض التنازلات للطرف الآخر، فإن ذلك يدل على حسن النية والوصول إلى اتفاق يرضي كلا الطرفين.

في هذه الورقة، سأناقش التنازلات التي يمكن توقعها بين الثقافتين الأمريكية والسعودية عند التفاوض في حالة شركة بكتل وما سأحتاج إلى معرفته حول سلوك المساومة.

أنواع التنازلات في المفاوضات:

وفقًا لـ (Ma, Showail, Campagna & McLean Parks, 2006)، يمكن تلخيص أنواع التنازلات في المفاوضات على النحو التالي:

  1. النمط الأول: خذها أو اتركها: يتضمن هذا الأسلوب عدم تقديم المفاوض أي تنازلات بسبب قوة خدمته أو منتجه. قد يستخدم المفاوض الأمريكي هذا الأسلوب دون تقديم بدائل للطرف الآخر. ومع ذلك، فإن هذا الأسلوب غير مناسب للمفاوض السعودي الذي يرى أن المفاوضات تحقق نتائج طويلة الأجل بناءً على العلاقات بينه وبين الطرف الآخر.

  2. النمط الثاني: التسوية: يتضمن هذا الأسلوب تنازل الطرفين عن بعض شروطهما لتحقيق وضع يربح فيه كلا الطرفين. يناسب هذا الأسلوب الثقافتين الأمريكية والسعودية، حيث يستند كل طرف إلى جوانب مختلفة في مفاوضاته، مثل السرعة بالنسبة للجانب الأمريكي والعلاقات بالنسبة للجانب السعودي.

  3. النمط الثالث: تبني النتيجة النهائية: يعتمد هذا الأسلوب على حدود لا يمكن تجاوزها. أي شيء أقل من ذلك يمكن تمريره وتقديم تنازل بشأنه. يناسب هذا الأسلوب أيضًا الثقافتين الأمريكية والسعودية.

سلوك الثقافة الأمريكية في المفاوضات:

وفقًا لـ (Sebenius, 2002)، يستند اهتمام المفاوض الأمريكي إلى سرعة الحصول على المنتج أو الخدمة، التكلفة، والكفاءة. لذلك، يُعد استخدام المعلومات المتاحة للطرف الأمريكي مصدر قوة كبيرة. عندما تكون البيانات واضحة للطرف الآخر دون غموض، فإن هذا يؤدي إلى التوصل إلى اتفاق مع الطرف الأمريكي.

سلوك الثقافة السعودية في المفاوضات:

وفقًا لـ (Al-Khatib, Malshe & AbdulKader, 2008)، يستند اهتمام المفاوض السعودي إلى السعر والعلاقات الشخصية. ورغم أن الربح مهم، إلا أنه ليس بأهمية سعر المنتج أو الخدمة مقارنة بالبدائل المتاحة من نفس الجودة. بالإضافة إلى ذلك، تلعب قوة العلاقات الشخصية بين الطرفين دورًا مهمًا في التفاوض. لذلك، يجب أن يتوقع المفاوض خفض السعر وبناء علاقة أقوى يمكن استثمارها في المستقبل.

مثال عملي:

وفقًا لـ (Smith, 1991)، عندما ذهبت شركة بكتل إلى المملكة العربية السعودية في السبعينيات للتفاوض على بناء "مدينة الجبيل الصناعية"، كانت ولا تزال أكبر مدينة صناعية في العالم من حيث المساحة. كان المفاوض السعودي يطمح إلى بناء علاقة قوية واستمرار العمل لفترة طويلة بناءً على سعر أفضل. كانت الشركة الأمريكية تأمل في الحصول على العقد بسرعة، لذلك قدموا سعرًا أفضل من الآخرين. ونتيجة لذلك، تم الاتفاق على تنفيذ المدينة الصناعية، واستمر هذا المشروع من عام 1975 وحتى الآن. وصلت قيمة عقد البناء والصيانة لهذه المدينة إلى 20 مليار دولار.

الخاتمة:

تتطلب المفاوضات الناجحة بين الثقافات فهم الفروق بين الثقافات المختلفة، وتتم التنازلات بتنفيذ استراتيجية التسلسل في المفاوضات (Malhotra, 2006). لا يعتبر التنازل السريع جيدًا في أي حالة؛ لأنه يضعف قيمة ما تم التنازل عنه. كما أن التنازل لا يكون مجانًا؛ يجب أن يكون التعامل متبادلاً ليكون ناجحًا للطرفين. إن تقديم التنازلات بشرط معين يمنح المفاوض مزيدًا من القوة؛ فإذا قام الطرف الآخر بذلك، يجب أن يقوم الطرف الثاني بذلك أيضًا.

المراجع:

Al-Khatib, J. A., Malshe, A., & AbdulKader, M. (2008). Perception of unethical negotiation tactics: A comparative study of US and Saudi managers. International Business Review, 17(1), 78-102.

Leung, K. (1997). Negotiation and reward allocations across cultures.

Sebenius, J. K. (2002). The hidden challenge of cross-border negotiations. Harvard Business Review, 80(3), 76-85.

Malhotra, D. (2006). Four Strategies for Making Concessions. Unpublished paper, Harvard Business School (available online at http://hbswk. hbs. edu/item/5235. html).

Ma, L., Showail, S., Campagna, R., & McLean Parks, J. (2006, July). Concessions in negotiations: the roles of initial assessment and signaling on outcomes of a negotiated agreement. In IACM 2006 meetings paper.

Smith, J. C. (1991). Mega-project construction management--the Corps of Engineers and Bechtel Group in Saudi Arabia (Doctoral dissertation, Massachusetts Institute of Technology).

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال