إخفاقات حوكمة الشركات والدروس المستفادة من فضيحة انبعاثات فولكس فاجن

الحوكمة المؤسسية ضرورية لتعزيز الشفافية والوضوح، والإفصاح عن المعلومات الفنية أو المالية بطريقة غير مضللة، وحماية حقوق المساهمين إلى أقصى حد دون تعارض مع قوانين وتشريعات البلد. وبالتالي، تضمن الحوكمة إنشاء أطر عدالة لجميع أصحاب المصلحة.

في هذه الورقة، سأناقش فضيحة انبعاثات فولكس فاجن والمشكلات المرتبطة بالحوكمة مثل المسؤولية والشفافية. وأخيرًا، سأناقش التطبيق العملي لنظريات الحوكمة لحل هذه المشكلة من البداية.

فضيحة انبعاثات فولكس فاجن:

وفقًا لـ(Al-Ruweidi, 2018)، أصدرت وكالة حماية البيئة الأمريكية (EPA) إشعارًا بانتهاك قانون الهواء النظيف من قبل مجموعة فولكس فاجن؛ وذلك بسبب الاحتيال الذي ارتكبته الشركة من خلال إعادة برمجة سياراتها الديزل للحصول على نتائج أقل من الحد الخطر للانبعاثات الضارة في المختبر، بينما في الواقع كانت الانبعاثات الضارة تزيد 40 ضعفًا عن الحد المسموح به، وذلك في أكثر من 11 مليون سيارة حول العالم. مما دفع معظم الدول إلى اتخاذ إجراءات صارمة ضد الشركة، خاصة الولايات المتحدة، حيث تم فرض مليارات الغرامات، حتى أعلنت الشركة في عام 2016 عن إنفاق 18.32 مليار دولار أمريكي لتصحيح مشكلات الانبعاثات، سواء في سياراتها أو في البيئة بشكل عام.

مشكلات الحوكمة التنظيمية:

وفقًا لـ(Jung & Park, 2017)، لم يتم أخذ الحوكمة المؤسسية في الاعتبار من قبل مجلس إدارة فولكس فاجن، لأن الهدف الوحيد للرئيس التنفيذي في ذلك الوقت كان السيطرة على سوق السيارات العالمي. كانت الشركة قد وصلت بالفعل إلى المركز الثاني عالميًا بعد تويوتا. أدى هذا النقص الكبير في الحوكمة إلى خسائر كبيرة للشركة سواء من الناحية المالية أو من حيث قيمة العلامة التجارية، نتيجة لعدم وجود ضوابط داخلية فعالة لاكتشاف الأخطاء أو الاحتيالات.

مشكلة المساءلة:

وفقًا لـ(Crête, 2016)، تتألف البنية الإدارية في ألمانيا من مجلس إشرافي ومجلس إدارة منفصل. يكون مجلس الإدارة مسؤولًا عن القرارات التنفيذية للشركة. ومع ذلك، نظرًا لوجود 20 شخصًا في هذه الإدارة التنفيذية، والذين يتمتعون تقريبًا بصلاحيات متساوية، فإن ذلك يجعل الحوكمة صعبة للغاية. حتى القرار الاحتيالي الذي اتخذه مارتن فينتركورن وروبرت ستادلر اتهم فيه المهندسين المسؤولين عن الجودة، بسبب أن باقي أعضاء الإدارة لم يكونوا على علم بهذا الاحتيال قبل اكتشافه (Poier, 2020).

مشكلة الشفافية:

كانت فولكس فاجن بعيدة عن الشفافية حيث زودت المساهمين بأقل قدر ممكن من المعلومات؛ حتى بعد الفضيحة، أبلغ مجلس الإدارة المساهمين بأنه لن ينشر التقرير النهائي حول تسلسل الأحداث وبرمجة الاحتيال في صناعة عوادم السيارات. بل إن فولكس فاجن اتفقت مع الحكومة الأمريكية على حجب هذا التقرير عن الصحافة في مقابل تسوية الغرامات (Kabeyi, 2020).

تطبيق نظريات الحوكمة:

عند تطبيق النظريات الثلاث (الوكالة، الإشراف، ونظرية أصحاب المصلحة) على حالة فولكس فاجن، نجد أن النظريتين الأوليين تتفقان على أن مسؤولية الشركة في اتخاذ القرارات تقع على عاتق الشخص الموكَّل (الوكيل) أو المدير. يحتفظ هذا الشخص بمسؤولية تطوير الشركة وزيادة أرباحها وقيمتها السوقية. تتفق نظرية أصحاب المصلحة على حماية مصالح جميع أصحاب المصلحة، بما في ذلك المساهمين والمجتمع ككل. ولكن ما حدث هو أن كل من (مارتن فينتركورن) و(روبرت ستادلر) خانا هذه الثقة وتلاعبا بثقة مجلس الإدارة والمساهمين، حيث لم يكن العديد من مسؤولي فولكس فاجن على علم بأي مخالفات، لكن هناك أشخاصًا في القمة كان بإمكانهم حل المشكلة قبل وقوعها.

الحلول المقترحة:

يجب أن يتحمل المجلس الإشرافي ومجلس الإدارة المسؤولية الكاملة عن مراقبة قرارات الرئيس التنفيذي. كما ينبغي زيادة درجة الشفافية من رئيس مجلس الإدارة. يجب أن يكون هناك نظام للإبلاغ عن الانتهاكات لتنبيه الأشخاص المناسبين في هذه الحالات لاتخاذ الإجراءات المناسبة في الوقت المناسب (Rhodes, 2016).

الخاتمة:

من عام 2015 إلى 2018، ظل الرئيس التنفيذي للشركة (روبرت ستادلر) في منصبه رغم استقالة الرئيس ومعظم أعضاء مجلس الإدارة. يرجع ذلك إلى الفشل الكبير في الحوكمة المؤسسية والدعم الكبير الذي حصل عليه من مجلس الإدارة والمجلس الإشرافي، دون وجود أي رقابة على قراراته. لذلك، تسهل الحوكمة السيطرة على أداء الشركة من خلال تحديد حدود وآليات الرقابة الداخلية، وتشكيل لجان متخصصة، وتطبيق الشفافية والإفصاح.

المراجع:

Al-Ruweidi, M. (2018). Case study: The Volkswagen emission scandal. ResearchGate, https://www.researchgate.net/publication/323998958_Case_Study_The_Volkswagen_Emission_Scandal

Crête, R. (2016). The Volkswagen scandal from the viewpoint of corporate governance. European Journal of Risk Regulation, 7(1), 25-31.

Jung, J. C., & Park, S. B. A. (2017). Volkswagen’s emissions scandal and the failure of corporate governance. Thunderbird International Business Review, 59(1), 127-137.

Li, L., McMurray, A., Xue, J., Liu, Z., & Sy, M. (2018). Industry-wide corporate fraud: The truth behind the Volkswagen scandal. Journal of Cleaner Production, 172, 3167-3175.

Kabeyi, M. J. B. (2020). Corporate governance in manufacturing and management with analysis of governance failures at Enron and Volkswagen Corporations. Am J Oper Manage Inform Syst, 4(4), 109-123.

Poier, S. (2020). Clean and Green–The Volkswagen Emissions Scandal: Failure of Corporate Governance?. Problemy Ekorozwoju, 15(2).

Rhodes, C. (2016). Democratic business ethics: Volkswagen’s emissions scandal and the disruption of corporate sovereignty. Organization Studies, 37(10), 1501-1518.

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال