التعليم الفنلندي 2016


إذا لم تكن على دراية بموضوع فنلندا وتجربتها التعليمية المذهلة أو كنت تشعر بالحيرة بسبب الآراء المتناقضة التي تقرأها على وسائل التواصل الاجتماعي أو في الأخبار، فإنني أنصحك بقراءة هذه النقاط لفهم القصة بشكل واضح.

نبذة عن فنلندا:

فنلندا هي دولة تقع في شمال أوروبا، وكانت في الماضي جزءًا من السويد ثم أصبحت تابعة للإمبراطورية الروسية قبل أن تنال استقلالها في بداية القرن العشرين. بعد الاستقلال، كانت فنلندا واحدة من أفقر دول أوروبا، وكان اقتصادها يعتمد بشكل كبير على الزراعة بينما كانت الدول الأوروبية الأخرى تتقدم في مجالات التكنولوجيا والفضاء.

بداية الإصلاح التعليمي:

في الستينيات، اتفقت القوى السياسية في فنلندا على أن تحسين التعليم هو المفتاح لتقدم البلاد. لذلك، توجهت فنلندا إلى السويد للحصول على نصائح حول كيفية تطوير نظامها التعليمي. بعد ذلك، طورت فنلندا النظام السويدي إلى أن أصبح لديها اليوم أفضل نظام تعليمي في العالم.

نتائج التجربة الفنلندية:

وفقًا لإحصائية 2015 من صندوق السلم العالمي، تُعتبر فنلندا الدولة الأكثر استقرارًا سياسيًا واقتصاديًا واجتماعيًا في العالم. المواطن الفنلندي يتمتع بجودة حياة عالية، وبالرغم من أن عدد سكان فنلندا لا يتجاوز 5 ملايين نسمة، فإن الدخل القومي للبلاد يفوق دخل دول أكبر بكثير من حيث عدد السكان، مثل مصر.

ملامح النظام التعليمي في فنلندا:

التعليم مجاني بالكامل: التعليم في فنلندا مجاني بكل ما تعنيه الكلمة. لا توجد رسوم مدرسية، والمواصلات المدرسية مجانية، وكذلك الأدوات المدرسية. بالإضافة إلى ذلك، توفر كل مدرسة وجبات غذائية مجانية للطلاب، يتم إعدادها بواسطة متخصصين في التغذية.

التركيز على الراحة النفسية والبدنية: الهدف الأساسي من التعليم في فنلندا هو توفير بيئة نفسية وبدنية مريحة للطلاب. لا يوجد أي نوع من العقاب، والهدف هو أن يكون جميع الطلاب متساوين في مستوى التعليم.

المعلمون مؤهلون بشكل استثنائي: للحصول على وظيفة معلم في فنلندا، يجب أن يحمل الشخص درجة الماجستير على الأقل. بالإضافة إلى ذلك، يحصل المعلمون على دورات تدريبية مستمرة لتحسين مهاراتهم.

المرونة في التعليم: المعلمون في فنلندا لديهم الحرية في تصميم المناهج الدراسية بناءً على احتياجات الطلاب. لا تفرض الحكومة المركزية مناهج صارمة، بل تضع الخطوط العريضة فقط، مما يمنح المعلمين الحرية في استخدام الأدوات والوسائل التي يرونها مناسبة.

التقييم الشامل: التقييم في فنلندا ليس رقميًا بل وصفيًا، حيث يقدم المعلمون ملاحظات تفصيلية حول أداء الطلاب في مختلف المجالات. يتم تقديم الدعم الإضافي للطلاب الذين يحتاجونه بناءً على هذا التقييم.

التعليم الثانوي: يتميز النظام الثانوي في فنلندا بمرونته، حيث يمكن للطلاب اختيار المواد التي يرغبون في دراستها، ويخضعون لاختبارات تحدد مدى استعدادهم للالتحاق بالجامعة.

احترام الديانات: النظام التعليمي الفنلندي يحترم جميع الأديان، ويوفر تعليمًا دينيًا متعددًا حسب معتقدات الطلاب.

الحضانات ومراكز الرعاية: منذ عام 1973، يكفل القانون الفنلندي وجود مكان لرعاية الأطفال دون سن السادسة في مناطق سكنهم. كما يوجد مراكز رعاية للأطفال دون سن الثالثة.

مصر والتجربة الفنلندية:

في عام 2014، قام الدكتور محمود أبو النصر، وزير التعليم في حكومة محلب، بمحاولة لتطبيق التجربة الفنلندية في مصر من خلال التعاون مع السفارة الفنلندية. ولكن للأسف، لم تتحقق النتائج المرجوة، وانتهت المحاولة مع التغيير الوزاري التالي.

الإمارات والتجربة الفنلندية:

أنشأت الإمارات مدرستين على النظام الفنلندي في أبو ظبي، لكن التجربة لم تنجح لأن التركيز كان على المدارس فقط دون الاهتمام بالبنية الاستراتيجية للدولة ككل.

الخلاصة:

تجربة فنلندا التعليمية هي نموذج يحتذى به، ولكن لتطبيق مثل هذه التجربة، يجب أن يكون هناك تكامل بين جميع مكونات النظام التعليمي، وأن يتم تطبيقها ضمن استراتيجية شاملة تتناسب مع البيئة والثقافة المحلية.


إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال