مشروع تهجير الفلسطينيين في 1955.. كيف أفشلته الشعوب؟

في عام 1955، استيقظ الرئيس الأمريكي دوايت أيزنهاور وفرك عينيه قائلاً: "لماذا لا نحل القضية الفلسطينية بمشروع تهجير مناسب؟"

أرسل فكرته إلى الكونغرس لسرعة الموافقة على ميزانية ضخمة لمشروع أسماه "الأردن وسيناء"، وكان الهدف منه إعادة توطين 280 ألف فلسطيني ونقلهم من أرض فلسطين إلى الأردن وسيناء.

الهدف الحقيقي للمشروع

المثير للضحك أن أيزنهاور كتب في طلبه إلى الكونغرس:

"الهدف من المشروع هو التخلص نهائيًا من مشكلة اللاجئين وإراحة إسرائيل منهم!"

لكن بهذا الشكل الصريح، لم يكن أحد من العرب سيقبل به أو حتى يناقشه. لذلك، قام بتمرير فكرته إلى يده اليمنى، إريك جونستون، رئيس غرفة التجارة الأمريكية، والذي أضاف عليه طابعًا ظاهريًا جذابًا يوهم العرب بأنه مشروع تنموي وليس تهجيرًا قسريًا.

"مشروع جونستون".. التهجير بواجهة تنموية

أُطلق على المشروع اسم "مشروع جونستون"، وتم تعيين جونستون كمبعوث رئاسي رسمي للشرق الأوسط.

بالفعل، زار الأردن وعرض مشروعًا تنمويًا عملاقًا لتطوير منطقة نهر الأردن، مدعيًا أن الأردن، إسرائيل، سوريا، ولبنان ستستفيد منه بشكل كبير من خلال تحسين الموارد المائية والزراعة، ليصبح المكان أشبه "بجنة الله على الأرض"!

ثم بدأ جولة واسعة في الدول العربية لإقناعهم بشيء في غاية الأهمية:

"المشروع يحتاج إلى الكثير من الأيدي العاملة، ولا يمكن الاعتماد على عمالة مؤقتة، بل يجب أن يكونوا مقيمين دائمين! وأين سنجد 280 ألف شخص للعمل في المشروع؟ فكروا معي يا حكام العرب... ما رأيكم في الفلسطينيين؟"

كيف أسقطت الشعوب المشروع؟

رغم أن الدول العربية كانت ضعيفة بعد هزيمة 1948، وكان هناك ترحيب ظاهري بمشروع جونستون، إلا أن الشعوب العربية كانت أكثر وعيًا مما توقع الجميع.

ما إن بدأت الصحافة الحكومية الترويج للمشروع حتى حصل ضغط شعبي هائل أجبر الحكومات على رفض المشروع، بعد أن أدرك الجميع أنه خطة تهجير رسمية منظمة.

الخطة (ب): تقديم خيارات زائفة للفلسطينيين

بعد فشل خطته الأولى، لجأ جونستون إلى الخطة البديلة، والتي نصت على أن الفلسطينيين سيكون لديهم 3 خيارات:

البقاء في إسرائيل كمواطنين إسرائيليين صالحين، يوافقون على سياستها وقوانينها ويتعايشون مع شعبها.

المغادرة الطوعية لأي بلد يختارونه، مع تعويض مالي.

الانتقال إلى الأردن أو سيناء ونسيان حق العودة نهائيًا، وفقًا للقرار 194.

لكن هذا كله كان مجرد كلام على الورق، لأن:

مصر رفضت بشدة، واعتبرته تحايلاً على القضية الفلسطينية، وأكدت أن سيناء أرض مصرية لا يمكن العبث بها.

الأردن، سوريا، لبنان، والسعودية رفضوا المشروع.

حتى جولدا مائير، رئيسة وزراء إسرائيل، رفضت تمامًا فكرة أن الفلسطينيين يمكن أن يُمنحوا أي حق في العودة! وقالت: "إذا كنا قد طردناهم في المقام الأول، فلماذا نعيدهم؟"

الخطة (ج).. تنفيذ التهجير بالقوة عبر حرب 1967

عاد جونستون إلى أمريكا بعد عامين بخيبة أمل كبيرة، لكن للأسف، الخطة (ج) كانت جاهزة:

في حرب 1967 (النكسة)، احتلت إسرائيل سيناء بالقوة.

تم تهجير 300 ألف فلسطيني إلى الأردن قسرًا.

الأردن دخل في أزمات متتالية بسبب وجود المقاومة الفلسطينية.

تفاقم الوضع الاقتصادي الأردني بسبب العدد الضخم من اللاجئين.

ترامب 2025.. نفس الفكرة ولكن بلا مواربة!

اليوم، دونالد ترامب يعمل بطريقة أكثر وضوحًا وصراحة، حيث يفرض خطة التهجير بلا أي شكليات:

قالها صراحةً: "أمريكا ستأخذ غزة كأرض لها، والفلسطينيون سيُجبرون على مغادرتها."

هدد بعودة الحرب إذا لم يغادر الفلسطينيون.

أكد أن مصر والأردن يجب أن يوافقوا على استقبالهم.

ألغى دور الأونروا لمساعدة اللاجئين الفلسطينيين.

أكد أن "حق العودة" والقضية الفلسطينية لم يعودا موجودين.

دروس من التاريخ: كيف أُفشل المشروع سابقًا؟

المعلومة الأهم هنا:

الذي أوقف مشروع جونستون في الخمسينات—بعد إرادة الله—كان الضغط الشعبي الكبير على الحكومات، والذي أجبرهم على رفض المشروع ونقل هذا الرفض إلى الإدارة الأمريكية.

ما لا يمكن أن يحدث، لن يحدث.. وما لا يقدر عليه أحد، فإن الله قادر عليه.

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال