سد النهضة الأثيوبي 2015


أثيوبيا كانت ترغب من فترة طويلة في بناء سد على نهر النيل، ولكن لم تتمكن من تحقيق هذا الهدف إلا مؤخرًا. السد الذي تبنيه أثيوبيا يمكن أن يشكل خطرًا على مصر من حيث تقليل حصتها من مياه النيل وتقليل الكهرباء المنتجة من السد العالي. دي خلاصة الموضوع، دلوقتي هنتكلم بالتفصيل عن القصة من بدايتها:

أصل الحكاية:

نهر النيل له مسارين رئيسيين: النيل الأبيض، الذي يأتي من منطقة البحيرات العظمى في وسط إفريقيا (أوغندا وتانزانيا)، وهو غير مفيد لمصر بشكل كبير بسبب التبخر وفقدان المياه أثناء المسار. أما المسار الثاني فهو النيل الأزرق، الذي يأتي من أثيوبيا، ويمثل حوالي 86% من حصة مصر في مياه النيل. النيل الأبيض والنيل الأزرق يلتقيان في الخرطوم بالسودان، ثم يتفرعان مرة أخرى في دمياط ورشيد عند دخول مصر.

الإتفاقيات السابقة:

مصر كانت منذ أيام الاحتلال البريطاني في سنة 1902، عاملة اتفاقية بتمنع بناء أي مشروعات على نهر النيل تؤثر على حصتها من المياه. الاتفاقيات دي تم تعديلها وتحديثها في سنوات 1906 و1929، وتضمنت تحديد حصة مصر في مياه النيل بـ 92.3% ومنحت مصر حق الفيتو ضد أي مشروعات على روافد النيل.

أزمة أثيوبيا والمشروعات:

أثيوبيا كانت تعاني من فترات جفاف ومجاعات بسبب عدم وجود وسائل لتخزين المياه مثل بحيرة ناصر في مصر. لذلك، في سنة 1956، بدأت أثيوبيا تفكر في بناء سد على النيل الأزرق لتخزين المياه وتوليد الكهرباء. استعانت أثيوبيا بالخارجية الأمريكية في ذلك الوقت، وحددت أمريكا في سنة 1964 أنسب موقع للسد.

تطور المفاوضات:

في سنة 1999، قامت عدة دول من دول حوض النيل بمبادرة لبناء مشروعات على النيل، ولكن مصر رفضت بشكل قاطع بسبب حق الفيتو ولأنها كانت تعتبر أكبر وأقوى دولة في حوض النيل.

محاولات أثيوبيا:

برغم بناء أثيوبيا عدة سدود صغيرة، إلا أنها لم تستطع توفير الكهرباء لأكثر من 9% من سكانها. فكان السد الجديد فرصة ذهبية لهم لتوليد الكهرباء وبيعها للدول المجاورة، ومصر كانت على قائمة المشترين المحتملين حسب اقتراح الحكومة الأثيوبية.

بداية العمل على السد:

في سنة 2009، أثيوبيا بدأت في إجراء مسح جغرافي وتصميمات للسد المقترح. في سنة 2010، قامت أثيوبيا بإبرام عدة اتفاقيات أفريقية بغياب مصر والسودان. في نفس السنة، مصر حاولت تقديم شكوى للأمم المتحدة لمنع تمويل السد وإلزام أثيوبيا بالتعاون.

العقد مع الشركة الإيطالية:

في سنة 2011، أثيوبيا أعلنت عن عقد بقيمة 4.8 مليار دولار مع شركة إيطالية ضخمة لبناء السد. التمويل جاء من الحكومة، تبرعات المواطنين، ودعم غير معلن من دول أخرى، مثل إسرائيل التي لها علاقات وثيقة مع أثيوبيا.

فترة حكم مرسي والمفاوضات:

في عهد مرسي، لم يتم التوصل لاتفاق حول السد، ورغم زياراته لأثيوبيا واجتماعاته مع الرئيس السوداني عمر البشير، لم يتم تحقيق تقدم يذكر. بعد اجتماع سري تم تسريبه، اقترح مرسي ضرب السد أو دعم المعارضة الأثيوبية، ما أدى إلى تدهور العلاقات بشكل أكبر.

فترة حكم السيسي:

في يناير 2014، حكومة السيسي بدأت مفاوضات جديدة مع الجانب الأثيوبي، ولكنها فشلت. أثيوبيا أعلنت أنها لن توقف بناء السد. في مارس 2014، وقعت مصر اتفاقية تضم عشرة مبادئ بخصوص سد النهضة، لكن الاتفاقية لم تتضمن جوانب فنية تضمن عدم تضرر مصر.

المخاطر الفنية للسد على مصر:

  • حجم الخزان: السد سيأخذ ما بين 63 إلى 74 مليار متر مكعب من المياه، ما يعادل حصة مصر والسودان في عام كامل.
  • الزراعة: مصر ستتأثر بنقص المياه، مما سيؤثر على الزراعة ويخفض حصة مصر من المياه بحوالي 10 إلى 12 مليار متر مكعب.
  • الكهرباء: يمكن أن يتسبب السد في تقليل سرعة تدفق المياه، مما قد يؤثر على إنتاج الكهرباء في السد العالي.
  • التبعات العسكرية: إذا حاولت مصر ضرب السد بعد تشغيله، قد يحدث فيضان كبير في مصر.

الوضع الحالي:

في شهر مارس الماضي، وقع السيسي اتفاقية تضم عشر مبادئ تتعلق بسد النهضة، لكن أثيوبيا ما زالت متشددة في موقفها وترفض إيقاف بناء السد أو الالتزام بأي تعهدات تلزمها بعدم الإضرار بمصر. الوضع الحالي يعكس تراجعًا كبيرًا في مكانة مصر الإقليمية، مما يفتح المجال لدول أخرى في حوض النيل لبناء مشروعات تؤثر على حصة مصر من المياه.

الخلاصة:

سد النهضة يمثل تحديًا كبيرًا لمصر، سواء من حيث المياه أو الكهرباء. الحلول المتاحة قليلة، والمفاوضات المستمرة لم تثمر حتى الآن عن حل يرضي جميع الأطراف. الوضع يتطلب متابعة مستمرة واتخاذ خطوات جادة لحماية حقوق مصر في مياه النيل.

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال